التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير 61 ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير 62 ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير 63 له ما في السماوات وما في الأرض وإن الله لهو الغني الحميد 64 ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم 65}

صفحة 4999 - الجزء 7

  وقيل: العلي على الأشياء «الْكَبِيرُ» العظيم في صفاته، وقيل: كبير عن أن يكون له نِدّ وضِدّ «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً» وهو المطر «فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً» أي: ذات خضر بالنبات ولا يقدر عليها غيره «إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ» قيل: فاعل الألطاف، وقيل: يحسن التدبير في كل شيء الـ «خَبيرُ» العالم بكل شيء «لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ» يعني جميعهما خلقه، وقيل: جميع عباده [«وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ»] الذي لا تجوز عليه الحاجة «الْحَمِيدُ» المحمود بصفاته وأفعاله «أَلَمْ تَرَ» أيها الإنسان «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ» قيل: تسخيرها: تمكينهم من الأشياء والانتفاع بها وتصريفها فيما يريدون، عن أبي علي. وقيل: أراد تسخير الأنعام مع عظم قوتها وغير ذلك من الحيوانات «وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِيْ الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ» يعني السفن تجري في البحر بأمره مع ثقلها، فهو الممسك لها، وتجري بإرسال الريح «وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ» أي: يُسْكِنُهَا بأن يخلق فيها السكون حالاً بعد حال؛ كيلا تقع على الأرض مع ثقلها «إِلَّا بِإِذْنِهِ» أي: بإمساكه، فالإمساك خلقه تعالى و «إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ» فَرَأْفَتُهُ ورحمته بعباده دائمة، فعل اللَّه هذا التسخير وهذه الأموال وهي أسباب الدنيا لينتفعوا بها ويستدلوا بها على توحيده فينالوا الآخرة.