قوله تعالى: {ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير 61 ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير 62 ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير 63 له ما في السماوات وما في الأرض وإن الله لهو الغني الحميد 64 ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم 65}
  قلنا: في الآية مخرج الاستفهام، وهو على معنى الخبر، تقديره: قد رأيت أن اللَّه ينزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة به على ما قد كان رآه ليتأمل فيه، فهو في الحقيقة ابتداء، كأنه قيل: فيصيرها مخضرة، قال الشاعر:
  أَلَمْ تَسَلِ الرَّبْعَ القَدِيمَ فيَنْطِقُ؟ ... وَهَلْ تخْبِرَنْكَ اليومَ بَيْدارُ سَمْلقُ؟
  لأن معناه: قد سألته فنطق.
  وقيل: هو ماض؛ لأنه معطوف على ماضٍ، كأنه قيل: فأصبحت الأرض مخضرة.
  · المعنى: لما تقدم الوعد والوعيد، والوعد بالنصرة، بيّن أنه قادر على ما يشاء، فقال سبحانه «يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ» يعني يدخل ما انتقص من ساعات الليل في النهار وما انتقص من ساعات النهار في الليل «وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ» لما يقول عباده في هذا «بَصِيرٌ» به لا يخفى عليه شيء، فيجازي به «ذَلِكَ» يعني ما تقدم ألْه لا شريك له «بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ» قيل: الدائم القادر وما هو دونه ضعيف حقير، وقيل: فيما يقوله ويفعله الحق، وقيل: عبادته الحق وأن ما يدعونه في الأوثان «هُوَ الْبَاطِلُ» أي: الهالك فلا يكون إلهاً «وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ» القادر على كل شيء،