التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم وما للظالمين من نصير 71 وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير 72 ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب 73 ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز 74 الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير 75}

صفحة 5007 - الجزء 7

  الحَدِيدَ}⁣[الحديد: ٢٥]. وقيل: لأن أدلة السمع تنزل من السماء «وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ» كما لا دليل لهم على ذلك فلا علم لهم بذلك أيضًا أنهم آلهة؛ لأن الإنسان يعلم أشياء من غير دليل كالضروريات نحو وجوب شكر المنعم، وقبح الظلم «وَمَا لِلظَّالِمِينَ» قيل: الكافرين، وقيل: هو على عمومه «مِنْ نَصِيرٍ» من ناصر يمنع عنهم عذاب اللَّه.

  ثم بيَّن إعراضهم عن الأدلة المؤدية إلى الحق، فقال سبحانه: «وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا» حججنا المؤدية إلى الحق، وقيل: الحق «بَيِّنَاتٍ» واضحات لمن تفكر فيها «تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كفَرُوا الْمُنْكَرَ» يعني يتبين في وجوههم الكراهة والعبوس غضباً لمخالفتهم إياه، وقيل: المنكر: الإنكار، وقيل: المفعول من الإنكار، عن أبي مسلم. «يَكَادُونَ يَسْطُونَ» أي: يريدون البطش والقهر «بالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيهِمْ آيَاتِنَا» قيل: يريدون تعجيل ضرب أو غيره «قُلْ» يا محمَّد «أَفَأُنَبِّئُكُمْ» أفأخبركم «بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ» يعني بِشَرٍّ من غيظكم على التالين لآيات اللَّه، وقيل: أشد عليكم من سماع القرآن والآيات، عن أبي علي. وقيل: شر من سماع القرآن والكفر به، ثم فسر ذلك فقال: «النَّارُ» يعني هي النار التي وعد «اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ» أي: المرجع والمأوى.

  ثم ضرب لهم مثلاً فقال: «يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ» يعني جُعِلَ لهم شَبَهٌ