قوله تعالى: {ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم وما للظالمين من نصير 71 وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير 72 ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب 73 ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز 74 الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير 75}
  كقولهم: ضرب عليهم الجزية «فَاسْتَمِعُوا لَهُ» أي: تدبروا وتفكروا فيه، فهو تنبيه لهم «إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُون مِنْ دُونِ اللَّهِ» يعني الأوثان «لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا» في صغره؛ لأن أحداً لا يقدر على الجواهر والأجسام، ولا على الحياة، ولا على الرطوبة واليبوسة، ولا على القدرة، وجميع ذلك مجموع في الذباب «وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ» يعني لو اجتمع الأصنام لم يقدروا على خلق ذباب «وَإنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيئًا لاَ يَسْتَنقِذُوهُ منْهُ» يعني لو سلب الذباب عن الأصنام شيئاً، فأخبر عنها بخبر ما يعقل بحسب اعتقاد القوم، وقوله: «شَيْئًا» قيل: مما عليهم، وهذا على التقدير، وقيل: المسلوب المخلوق، وقيل: العسل؛ لأنهم كانوا يلطخون الأصنام كل سنة بالعسل ثم يفتحون الباب، فإذا أكله الذباب قالوا: أكله الآلهة، وقيل: الطيب، وكانوا يطيبون الأصنام ويحلون بالجواهر، عن ابن زيد، وابن كيسان. وقيل: دم القربان الذي لطخوا الأصنام به، والوجه الأول أولى؟ وإنّه مثل، يعني لو كانت الأصنام أحياء ثم سلبهم الذباب شيئاً لا يقدرون علي استرداده فكيف وهم جماد أموات، فمع هذا كيف تُعْبَدُ «لاَ يَسْتَنقِذُوهُ» أي: لا يقدرون على استنقاذه «مِنْهُ» «ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ» قيل: الطالب الذباب والمطلوب الصنم مما عليه من الطيب والعسل، عن ابن عباس. وقيل: المطلوب الذباب والطالب الأوثان، عن ابن زيد، وابن كيسان. وكان ربما يقع الذباب والطائر على شيء مما على الصنم فيذهب به فلا يقدر على استرداده،