التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله ترجع الأمور 76 ياأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون 77 وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير 78}

صفحة 5012 - الجزء 7

  الرجل أبوك. و «المولى» في موضع الرفع لأنه من بنات الياء ولا يدخله الرفع، وأدخلت الفاء فقلت: فنعم المولى؛ لتعلق آخر الكلام بأوله.

  · النظم: يقال: كيف يتصل قوله: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} بما قبله؟

  قلنا: تقدم ذكر صفاته بكونه قادرًا سميعاً، فعقبه بكونه عالما، وكونه ملكاً، ترجع الأمور كلها إليه.

  ويُقال: كيف يتصل قوله {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} بما قبله؟

  قلنا: لما تقدم ذكر الأوثان، وأنها على صفة لا تستحق العبادة، وأنه سبحانه عنى إبراهيم.

  · المعنى: «يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ» قيل: ما بين أيديهم: الآخرة، وما خلفهم: الدنيا، وقيل: يعلم ما مضى قبل خلق الملائكة، وما يكون بعد خلقهم إلى الأبد، وقيل: ما يقدمون من الأفعال وما يؤخرون من الآثار والسنين، وقيل: ما بين أيديهم: ما عملوه أولاً، وما خلفهم: ما هم فاعلوه مما لم يعملوه بعد، عن الحسن. «وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ» يعني إلى حكمه تصير الأمور، فلا يكون لأحد أَمْرٌ ولا نهيٌ ولا حكمٌ «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا» يعني صلوا «وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ» بفعل ما