قوله تعالى: {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله ترجع الأمور 76 ياأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون 77 وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير 78}
  تعبدكم به «وَافْعَلُوا الْخَيْرَ» قيل: أدوا الزكاة، وقيل: افعلوا الخيرات من الفرائض والنوافل «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» قيل: لكي تفلحوا، وقيل: رجاء أن تفلحوا، وقيل: افعلوا معرضين أنفسكم للفلاح «وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ» أي: في دينه «حَقَّ جِهَادِهِ» وهو ثلاثة: الكفار بالسيف والحجة، والمبتدعة بالحجة، ومع النفس بالامتناع عن المعاصي. وقيل: جاهدوا في إثبات التوحيد والعدل وصفاته وشرائعه حق جهاده، وقيل: بقدر الطاقة، عن ابن عباس. وقيل: ألَّا تأخذه في اللَّه لومة لائم «هُوَ اجْتَبَاكُمْ» قيل: اختاركم لدينه وجهاد أعدائه؛ لتكونوا أنصار دينه وظَهْرَ نبيه، وقيل: اختاركم بلطفه حتى هداكم للدين وأنقذكم من كيد الشيطان، وقيل: اختاركم لتكونوا شهداء على الناس، وقيل: اختاركم لتكليفه بإكمال العقل وإزاحة العلة «وَمَا جَعَلَ عَلَيكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» أي: من ضيق، وقيل: لم يكلفكم ما لا تطيقون ولا ما يشق عليكم؛ بل خفف، وقيل: ليس فيه ما لا سبيل إلى الخلاص من العقاب فيه؛ بل يتخلص منه بالتوبة «مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ» أي: دينه، وإنما ذكر ذلك؛ لأن ملته داخلة في ملة محمد، ÷، وسماه أباً للجميع؛ لأن حرمته على المسلمين كحرمة الوالد على الولد، كقوله: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}[الأحزاب: ٦] عن الحسن. وقيل: العرب من ولد إسماعيل، وأكثر العجم من ولد إسحاق، وهما