التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله ترجع الأمور 76 ياأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون 77 وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير 78}

صفحة 5015 - الجزء 7

  ويدل قوله: «مِنْ حَرَجٍ» أنه لا يكلف ما لا يطاق، ولو خلق فيه الكفر ولم يعطه قدرة الإيمان كان أعظم الحرج، فيبطل قولهم في المخلوق والاستطاعة.

  ويدل قوله: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ} أنه اختار الصحابة لنصرة نبيه وإظهار دينه، فيبطل قول الرافضة وطعنهم فيهم.

  ويدل قوله: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} أنها دخلت في ملة محمد ÷، وأنه كما اتفق الملة اتفق الاسم.

  ويدل قوله: «شهداء» على أن الإجماع حجة.

  ويدل قوله: «واعتصموا» على أنه بالعبادات واجتناب المعاصي.

  ويدل قوله: {فَنِعْمَ الْمَوْلَى} أنه لا يخلق في أحد الكفر ولا يخلقه للنار.

  ومتى قيل: أليس روي عن بعضهم أن قوله: {حَقَّ جِهَادهِ} منسوخ بقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}⁣[التغابن: ١٦]؟

  قلنا: ليس بشيء؛ لأن التكليف لا يتوجه إلا بشرط الطاقة فلا نسخ فيه.

  ويُقال: هل هاهنا سجدة في قوله: «واسجدوا»؟

  قلنا: قال أبو حنيفة: لا، وقال الشافعي: نعم، احتج أبو حنيفة بأنه جمع بين الركوع والسجود فكان أمرًا بالصلاة.