قوله تعالى: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون 23 فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين 24 إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين 25 قال رب انصرني بما كذبون 26 فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون 27 فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين 28 وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين 29 إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين 30}
  عن جنونه رجع عما هو عليه، وقيل: معناه احبسوه مدة ليرجع عن قوله، وقيل:
  إلى موته، فلما أيس منهم دعا اللَّه سبحانه «رَبِّ انصُرْنِي» أعني عليهم بإهلاكهم «بِمَا كَذَّبُونِ» يعني إنما أدعو عليهم لتكذيبهم «فَأَوْحَينَا إِلَيهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا» قيل: بحيث يراها الرائي من عبادنا بعينه، وقيل: بأعين أوليائنا من الملائكة والمؤمنين، فإنهم يحرسونك من كل مَنْ منعك منه، وقيل: بحفظنا، عن أبي مسلم، فذكر العين وأراد الحفظ ولم يرد الجارحة؛ لأنه ليس جسما، ولأنه ذكر بلفظ الجمع، وقيل: بعلمنا، وما نوحيه إليك من صفتها، عن أبي علي. «وَوَحْيِنَا» أي: بأمرنا وإعطائنا ما يحتاج إليه فيها؛ لأنها أول سفينة عُملت، «فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا» قيل: نصرنا، وقيل: هو عبارة عن فوران الماء، وقيل: أَمْرُنَا بالدعاء عليهم؛ لأن الدعاء بالهلاك عليهم لا يجوز إلا بإذن، فإذا دعا لا بد من الإجابة، وإنما يأذن إذا علم أنهم لا يؤمنون «وَفَارَ التَّنُّورُ» أي: غَلَى التنور بالماء، وكان ذلك من علامة الغرق، ومعجزة لنوح، وقيل: معناه اشتد