قوله تعالى: {ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين 31 فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون 32 وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون 33 ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون 34 أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون 35 هيهات هيهات لما توعدون 36 إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين 37 إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين 38 قال رب انصرني بما كذبون 39 قال عما قليل ليصبحن نادمين 40 فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين 41}
  لَخَاسِرُونَ» باتباعه «أَيَعِدُكُمْ» هذا الرسول «أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا» يعني صرتم بعد الموت رميماً وتراباً «أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ» من قبوركم أحياء، وأعاد «أَنَّكُمْ» لما طال الكلام، ونظيره: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ}[التوبة: ٦٣] معناه: وله نار جهنم «هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ» قيل: بُعْداً بُعْداً لهذا الذي توعدون، عن ابن عباس. «إِنْ هِيَ» يعني الدنيا «إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا» قيل: نحيا حيناً ثم نموت ولا إعادة بعد ذلك، وقيل: يموت قوم منا ويحيا قوم، وقيل: يموت الآباء ويحيا الأولاد «وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ» بعد ذلك «إِنْ هُوَ» يعني هذا الرسول «إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا» أي: اختلق الكذب من نفسه «وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ» بمصدقين فيما يقول «قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ» أي: انصرني عليهم، أي: تهلكهم لأجل تكذيبهم، فأجاب اللَّه دعاء هو أخبر أنه سيهلكهم عن قريب، فقال سبحانه: «قَال عَمَّا قَلِيلٍ» من المدة، و (ما) صلة «لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ» على كفرهم «فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ» قيل: صيحة العذاب، وقيل: هي الصيحة التي أهلكت ثمود. وقيل: بعث اللَّه ملكاً صاح بهم صيحة ماتوا عندها عن آخرهم، قيل: صاح بهم جبريل، وقيل: الصيحة العذاب «بِالْحَقِّ» أي: على وجه الحق؛ لأنه عاقبهم جزاء على كفرهم {فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً} أي: موتى، وقيل: هو المتفتت البالي من الشجر يحتمله السيل، عن ابن عباس، وقتادة، ومجاهد، «فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» قيل: