التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين 42 ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون 43 ثم أرسلنا رسلنا تترى كل ما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون 44 ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين 45 إلى فرعون وملئه فاستكبروا وكانوا قوما عالين 46 فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون 47 فكذبوهما فكانوا من المهلكين 48 ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون 49}

صفحة 5054 - الجزء 7

  خص الأشراف بالذكر لأن العوام تبع لهم «فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا» هواستفهام والمراد الإنكار، يعني قال قوم فرعون: لا نؤمن بهما، وهما بَشَرَانِ مثلنا «وَقَومهُمَا» يعني بني إسرائيل «لَنَا عَابِدُونَ» أي: مطيعون طاعة العبد لمولاه، وقال الحسن: كان بنو إسرائيل يعبدون فرعون، وفرعون يعبد الأوثان، وقيل:

  إنهم في الطاعة لنا كالعبيد، «فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ» بالغرق «وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ» يعني «لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ» أي: لكي يهتدي قومه بها.

  · الأحكام: يدل قوله: {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا} أي أن أحداً لا يموت ولا يقتل قبل المسمى له، فيبطل قول من يرى الأجلين، وأن المقتول قُتِلَ بغير أجله.

  ويدل قوله: {أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} على عظيم نعمه بالرسل، وأنه لكمال الحجة حتى لا يعذب إلا بعد كمال الحجة فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ.

  ويدل قوله: {لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} أنه أراد من الجميع الاهتداء؛ فيبطل قولهم في المخلوق والإرادة.

  وتدل أن التكذيب فعلهم، فيبطل قولهم أيضاً.