التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون 62 بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون 63 حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون 64 لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون 65}

صفحة 5068 - الجزء 7

  وقيل: قلوب الكفار في حيرة من الكتاب الذي ينطق عليهم بالحق {وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ} قيل: خطايا من دون الحق، عن قتادة، وأبي العالية، ومجاهد.

  وقيل: أعمال لهم من دون ما هم عليه من الأجل الذي أجّلت لهم في موتهم لا بد أن يفعلوها، عن الحسن، ومجاهد، وابن زيد.

  وقيل: {مِّن دوُنِ ذَلَكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ} أي: بها عاملون، كقوله: {لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}⁣[الأعراف: ١٥٤] و {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}⁣[يوسف: ٤٣].

  «حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ» يعني متنعميهم ورؤساءهم، قيل: أخذناهم «بِالْعَذَابِ» يوم القيامة، وقيل: بالسيف يوم بدر، عن ابن عباس، وقيل: بالجوع، عن الضحاك، وذلك حين دعا النبي ÷ عليهم، وقال: «اللَّهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها سنين كَسِنِي يوسف» فابتلاهم بالقحط حتى أكلوا الجيف والكلاب «إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ» قيل: يضجون لشدة العذاب ويجزعون، وقيل: يستغيثون، عن ابن عباس، وقيل: يصرخون بالتوبة والتضرع، «لاَ تَجْأَرُوا الْيَوْمَ» لا تضجوا اليوم وهو يوم القيامة، أو يوم العذاب «إنَّكُمْ مِنَّا لاَ تُنصرُونَ» قيل: لا تُمنعون ولا ينفعكم جزعكم؛ إذ لا ناصر لكم، وقيل: لَا تُنصرون بقبول التوبة، ففي هذا يأس لهم، وذلك بعد التكليف.

  · الأحكام: تدل الآية على أنه تعالى لا يكلف ما لا يطاق، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق والاستطاعة.