قوله تعالى: {ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون 62 بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون 63 حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون 64 لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون 65}
  للملائكة فلما كانت الملائكة يقرأونه جاز أن يضيفه إلى نفسه، فيقول «ولدينا» لا على جهة المكان، «وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ» يعني يوفون جزاء أعمالهم، فلا ينقص من ثوابهم، ولا يزاد في عقابهم؛ «بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا» اختلفوا فقيل: ينصرف هذا إلى المؤمنين؛ لأن قلوبهم مغمورة من خشية اللَّه بما ذكر من الوعد والوعيد، أي: مملوءة بالخوف «وَلَهُمْ» مع ذلك «أَعْمَالٌ» صالحة دون تلك الأعمال التي ذكرها اللَّه تعالى عنهم، وهم مقيمون عليها «هُمْ لَهَا عَامِلُونَ» أي: الفرائض والنوافل، عن أبي مسلم.
  ومتى قيل: كيف يكون قلب المؤمن متحيرًا؟
  قلنا: المؤمن الخائف يكون كالمتحير، لعل طاعته قُبلتْ أم رُدَّتْ، فقوله: «في غمرة» إشارة إلى هذا الخوف والإشفاق.
  وقيل: هذا يصرف الكناية إلى الكفار، وقد تقدم ذكرهم، يعني قلوب مَنْ سبق ذكره من الكفار {فِي غَمْرَةٍ} أي: في حيرة، عن الحسن، وقيل: في جهل، عن أبي علي.
  وقيل: في غفلة شديدة من هذا الكتاب المشتمل على الوعد والوعيد {وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ} أي: من دون الشرك، من الفسق والظلم، ونحوه، وهذا أقرب.