التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين 161 خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون 162}

صفحة 674 - الجزء 1

  «أَجْمَعِينَ»: تأكيد لزوال الإيهام أنه يقع على الأكثر، ولا يجوز رفع (أجمعين) في العربية كما جاز رفع الملائكة؛ لأن (أجمعين) لا يكون إلا تابعًا، وليس في الكلام مظهر ولا مضمر يتبعه على ذلك، وإنما الحمل على المعنى بمنزلة إعادة العامل، كأنه قيل: وتلعنهم الملائكة والناس أجمعون.

  والهاء في قوله: «خالدين فيها» قيل: تعود على اللعنة، عن الزجاج، وقيل:

  تعود إلى النار، وهو كالمذكور، عن أبي العالية.

  ويقال: ما عامل الإعراب في «خالدين»؟

  قلنا: العامل فيه الظرف من قوله: «عليهم»؛ لأن فيه معنى استقرار اللعنة، وهي حال من الهاء والميم في «عليهم» كقولك: عليهم المال صاغرين.

  · النظم: قيل: لما ذكر تعالى حال كاتمي الحق وذكر حال التائبين منهم عقب ذلك بذكر حال من يموت من غير توبة، فقال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا»، عن أبي مسلم.

  وقيل: إنه كلام مستأنف عام في جميع الكفار، ولا يحمل على من تقدم بغير دلالة، خصوصًا وقد دخل تحت الآية الأُولى من مات من غير توبة، عن القاضي.

  · المعنى: «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهم كُفَّارٌ» يعني ماتوا مصرين على الكفر.

  ويقال: أليس كل كافر ملعونًا في حال كفره، فما معنى هذا الشرط؟

  قلنا: ليصير الوعيد فيه غير مشروط؛ لأن بالموت يفوت التوبة؛ ولذلك شرطه تعالى، وبَيَّنَ أنهم لو لم يموتوا مصرين لم يكن هذا حالهم، عن القاضي، وقيل:

  للدلالة على خلودهم في اللعنة.

  «أُوْلَئِكَ» يعني من تقدم ذكرهم «عَلَيهِمْ لَعْنَةُ اللَّه» قيل: عقابه، وقيل: إبعاده من رحمته وإيجاب العقاب له «وَالْمَلَائِكَةِ» أي لعن الملائكة عليهم «وَالنَّاس أجْمَعِينَ» فيه أربعة أقوال: