التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {بل قالوا مثل ما قال الأولون 81 قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون 82 لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين 83 قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون 84 سيقولون لله قل أفلا تذكرون 85 قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم 86 سيقولون لله قل أفلا تتقون 87 قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون 88 سيقولون لله قل فأنى تسحرون 89}

صفحة 5083 - الجزء 7

  الاستفهام في قوله: {أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ} وقيل: قالوا لرسلهم ما قال هَؤُلَاءِ لك، وقيل: معناه أنعمنا على هَؤُلَاءِ بالكتاب والرسول فلم يعرفوا موضع النعمة؛ بل كذبوا، وقالوا مثل ما قال الأولون أولئك الَّذِينَ لم يؤتوا الكتاب.

  · المعنى: ثم حكى قول أولئك، فقال سبحانه: «أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا» بالية «أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ» بعد الموت أحياءً، فذكروا بلفظ الاستفهام على وجه التكذيب «لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ» يعني هذا الوعد، [وهو البعث] قد وَعَدَ آباءنا من قبل مجيئك قَوْمٌ زعموا أنهم رسل اللَّه فلم نَرَ له حقيقة «إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ» يعني شيئاً سطره الأولون، أي: كتبوه، ولا حقيقة له، وإنما يجري مجرى السِّيَرِ.

  ولما استبعدوا البعث بعد الموت دل على صحته، وأمره بمحاجة القوم، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد «لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ» يعني خَلْقُ الأرض ومن فيها، ولمن ملكها؟ فإذا قالوا: لله ف «قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ» أي: تتفكرون، فتعلمون أن مَنْ قدر على خلق الأرض ومن فيها ابتداء قدر على إحيائهم بعد الموت، فدل بذلك على التوحيد والإعادة.