قوله تعالى: {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون 101 فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون 102 ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون 103 تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون 104 ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون 105 قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين 106 ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون 107 قال اخسئوا فيها ولا تكلمون 108}
  ونتبع الهوى، «وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ» ذاهبين عن الحق «رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا» من النار «فَإِنْ عُدْنَا» لما تكره «فَإنَّا ظَالِمُونَ» لأنفسنا «قَال اخْسَئُوا فِيهَا» قيل: يجابون بعد ألف سنة: اخسؤوا فيها: أبْعِدُوا، كما يقال للكلب إذا طُرِدَ. «وَلاَ تُكَلّمُونِ» في دفع العذاب، أي: لا أرفعه عنكم، وقيل: هو دلالة الغضب اللازم، فعند ذلك أيسوا من الفرج، قال الحسن: هو آخر كلام يتكلم به أهل النار، ثم لا يتكلمون بعدها إلا الشهيق والزفير، ويصير لهم عواء كعواء الكلب، لا يفهمون ولا يُفهمون، وقيل: ليس بنهي؛ لأنه لا تكليف في الآخرة.
  · الأحكام: تدل الآية على غاية الشدة حتى لا يتعلق أحد بالأنساب، وكل امرئٍ همه في شأنه.
  وتدل على إثبات ميزان، ولا مانع من الظاهر فيحمل عليه، وقد بينا ما يوزن، فأما نفس الأعمال فأعراض منقضية لا يصح عليها الإعادة، فلا تصح أن توزن.
  ويدل قوله: {قَوْمًا ضَالِّينَ} وقوله: {أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} الآية أن ذلك فعلهم، فأسفوا على ما سلف منهم، وتمنوا الرجوع ليتداركوا، ولو كان ذلك خلقا لله أو لا يقدرون على غيره لم يكن لشيء من ذلك معنى، فيبطل قولهم في المخلوق والاستطاعة.