التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم 16 يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين 17 ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم 18 إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون 19 ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم 20}

صفحة 5149 - الجزء 7

  ويدل قوله: {وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} أن القذف لا يُكَفِّرُهُ الإسلام، فيبطل قول المرجئة.

  وتدل على عظم ذنب من رمى مؤمناً بكفر؛ لأن الرمي بالكفر أعظم من الرمي بالزنا.

  وقد اختلف العلماء في رميهم عائشة، فقال بعضهم: كان كفرًا لما فيه من الاستخفاف بالرسول صلى اللَّه عليه، وأنكر شيخنا أبو علي ذلك، وقال:

  لو كان كفرًا لحكم على أولئك بالردة.

  وتدل الآيات على أن القذف فِعْلُ العبد ليس بخلق اللَّه تعالى؛ لاستحالة أن يخلق الإفك فيهم، ثم يذمهم ويعظم أمرهم، ولو لم يخلق لما ينزه في العالم أحدثه، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.

قوله تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ١٦ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ١٧ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ١٨ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ١٩ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ٢٠}