التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم 16 يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين 17 ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم 18 إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون 19 ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم 20}

صفحة 5152 - الجزء 7

  «الْفَاحِشَةُ» الزنا والقبائح «فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» موجع «فِي الدُّنْيَا» بالحد واللعن «وَالآخِرَةِ» عذاب النار، وقيل: هو من خاض في قذف عائشة، وهم عبد اللَّه بن أُبي وأصحابه، وقيل: جميع القَذَفَةِ للمؤمنين، عن أبي علي. «وَاللَّهُ يَعْلَمُ» كذبهم «وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلمُونَ» ذلك، وقيل: يعلم من يستحق العقاب، والقَدْرَ المُسْتَحَقَّ «وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ» لعجل لكم العذاب، ولكنه رؤوف رحيم.

  · الأحكام: تدل الآية على المنع من القذف.

  وتدل على أنه لا يريد القذف ولا يَخْلُقُهُ؛ لوجوه:

  أحدها: أنه لو خلقه وأراده لاستحال أن يعظ حتى لا يقذف، ولاستحال أن ينهى.

  وثانيها: لو خلقه وأراده لَأحبَّهُ، فكان يستحيل أن يَتَوَعَّدَ على محبة شيء هو يحبه.

  ومنها: أن الشناعة لو كانت خلقه لما صح أن يوجب عليها العذاب، فيبطل بذلك قولهم في المخلوق والإرادة.

  ومنها: قوله {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا} فيعظ لكيلا يعود، ثم يخلق العود ويمنعهم عن تركه.

  وتدل على أن القذف ينافي الإيمان، لذلك قال: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فيبطل قول المرجئة.

  وتدل على أن القذف ليس بكفر؛ لأنه لم يُجْرِ عليهم أحكام المرتدين، فيبطل قول الخوارج في الأسماء والأحكام.