التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم 21 ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم 22 إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم 23 يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون 24 يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين 25}

صفحة 5159 - الجزء 7

  · المعنى: لما تقدم حديث الإفك بَيَّنَ أنه مِنْ أَمْرِ الشيطان، ونهى عن اتباعه فيه، فقال تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ» قيل: آثاره وطرقه التي تؤدي إلى مرضاته، وقيل: وساوسه، وقيل: ما يتخطى فيه إلى خلاف الشرع، فيتخطى الحلال إلى الحرام «وَمَنْ يَتَّبعْ خُطُوَاتِ الشَّيطَانِ فَإنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ» قيل: الفحشاء كل قبيح عظيم من المعاصي، عن أبي عَلي، والمنكر: كل قبيح يجب أن ينكر «وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيكُمْ وَرَحْمَتُهُ» قيل: لولا ألطافه بالوعد والوعيد وغيره «مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا» قيل: ما طَهُرَ وصلح منكم من أحد أبداً، والتزكية: التجنب عن القبائح، يعني لولا لطفه لتدينتم بالمعاصي، «وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ» قيل: يطهر بلطفه من يشاء، وهو من له لطف دون من لا لطف له، والزاكي في دين اللَّه من بلغ من طاعته أن ¥، وقيل: أراد به القدرة على التزكية، يعني يقدر أن يلجئهم إلى ذلك لكن لو فعل لما نفعهم، وقيل: يزكي بالثناء عليه والحكم بطهارته والخبر عنه، كقولهم: فلان يزكي فلاناً، فثناء اللَّه عليه تزكية له، وقيل: يزكي من يشاء؛ لأن في الناس من لا يكلفه أصلاً، «وَاللَّهُ سَمِيعٌ» لأقوالكم «عَلِيمٌ» بضمائركم وأعمالكم يجازيكم بجميعها، «وَلَا يَأْتَلِ» قيل: لا يحلف، وقيل: لا يقصر ولا يترك «أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُم وَالسَّعَةِ» قيل: أولوا الفضل المتفضل إلى غيره المحسن،