التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم 21 ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم 22 إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم 23 يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون 24 يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين 25}

صفحة 5161 - الجزء 7

  الأمر؛ لأنهم أجمعوا أن الأمر بالمعاصي لا يجوز، وكذلك إباحته، والآية وإن نزلت في مسطح فهو عام في جميع المؤمنين.

  «وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وقد: اجتمع في مسطح الصفات الثلاث، كان مسكيناً مهاجرًا قريباً لأبي بكر «وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا» يعني خوضهم في أمر عائشة إذا تابوا «أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» يعني غفور للذنوب بالتوبة، رحيم بهم يدخلهم الجنة، فقال أبو بكر: بلى أُحب أن يغفر اللَّه لي، ورجع ينفق على مسطح.

  ثم عاد على القذفة فقال سبحانه «إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ» العفائف «الْغَافِلاَتِ» عن الفواحش «الْمُؤْمِنَاتِ» بالله ورسوله واليوم الآخر «لُعِنُوا» أي: أُبْعِدُوا من رحمة اللَّه في الدنيا والآخرة، وقيل: استحقوا اللعنة فيهما، وقيل: عُذِّبوا «فِي الدُّنْيَا» بالجلد، وفي الآخرة بعذاب النار «وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ» قيل: هذا الوعد في قذف عائشة خاصة، وقيل: في عائشة وأزواج النبي ÷ وعلى آله، وقيل: عام في جميع المؤمنين، عن ابن عباس، وابن زيد وجماعة، «يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» قيل: يبني اللَّه الجوارح بِنْيَةً يمكنها النطق، وتكون هي الناطقة، وقيل: يخلق فيها النطق،