التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال 36 رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار 37 ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب 38 والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب 39 أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور 40}

صفحة 5210 - الجزء 7

  هذا، وقال: المراد بـ «الَّذِينَ خَلَوا» المكذبين لا الأنبياء، والثاني: أن هذه الآية مقطوعة عنه لما تخللها من الكلام.

  والجواب لأبي مسلم: أنه يحتمل أنه أراد الأنبياء والصالحين الَّذِينَ كادهم الأعداء، حتى نزل بهم ما نزل؛ إذ لا مانع منه.

  وعن الثاني: أنه قد يعترض في الكلام كلام آخر، ثم يأتي كلام يتصل بالأول، وله نظائر جمة، وكذلك من التصرف.

  ويقال: كيف يتصل قوله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا} بما قبله؟

  قلنا: اتصال النقيض بالنقيض، لما ضرب للمؤمنين مثلاً وبَيَّنَ صفتهم عقبه بذكر الكفار، وضرب لهم مثلاً خلاف الأول ترغيباً في الإيمان وتحذيرًا من الكفر.

  · المعنى: ثم بين تعالى صفة المؤمنين، فقال سبحانه: «في بُيُوتٍ» قيل: هي المساجد، عن ابن عباس والحسن، ومجاهد، وأبي علي، وأبي مسلم، وروي عن ابن عباس عن النبي ÷ وعلى آله: «المساجد بيوت الله في الْأَرْض، وهي تضيء لأهل السماء كما تضيءالنجوم لأهل الأرض»، وقيل: هي أربعة مساجد لم يبنها إلا نبي: الكعبة بناها إبراهيم وإسماعيل، ومسجد بيت المقدس بناه داود وسليمان، ومسجد المدينة، ومسجد قباء