قوله تعالى: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال 36 رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار 37 ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب 38 والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب 39 أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور 40}
  في فسادها وحيرتهم فيها كظلمات «فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ» وهو البحر العميق الكثير الماء، ولُجَّةُ البحر معظم مائه، وإنما ضرب المثل تحذيرًا عمن هذا صفته، «يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ» فالظلمات: ظلمة البحر، وظلمة السحاب، وظلمة الليل، وظلمة الموج، فشبه الكافر في جهله وكفره بمن هذا حاله، فحاله ظلمة، واعتقاده ظلمة، وكلامه ظلمة، ومصيره يوم القيامة إلى النار ظلمة، وعن أبي: الكافر يتقلب في خمس من الظُّلَم: كلامه ظُلمة، وعمله ظُلمة، ومدخله ظُلمة، ومخرجه ظُلمة، ومصيره إلى الظلمات يوم القيامة في النار، وقيل: شبه جهله وسمعه وبصره بالظلمات؛ لأنهم من حيث لا ينظرون ولا يتفكرون بمنزلة مَنْ كان في ظلمات، وقيل: شبه جهله وتقليده بالظلمات، وقيل: شبه بناءهم على أصول فاسدة بالظلمات المتراكمة «إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا» يعني إذا أخرج الناظر يده لم يكد يراها للظلمة، قيل: كما أن هذا الرجل لا يرى يده من شدة الظلمات، كذلك هذا الكافر لا يرى لعمله نفعاً لكفره، عن أبي مسلم، واختلفوا في قوله: «لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا» قيل: لم يرها، ولم يقرب من أن يراها، عن الحسن، وقيل: كاد: صلة، أي: لم يَرَهَا، عن الفراء، كقولهم: ما كدت أعرفه، وقيل: رآها رؤية خفية، عن أبي علي، وقيل: لم يرها إلا بعد الجهد والشدة، عن