قوله تعالى: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال 36 رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار 37 ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب 38 والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب 39 أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور 40}
  المبرد، وقيل: قرب من الرؤية ولم ير. «وَمَنْ [لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ» أي: من لم يجعل اللَّه له فرجاً ونجاة فما له من نجاة، وقيل: من لم يجعل اللَّه له نورًا في القيامة فما له من نور، وقيل: من لم يحكم له بهداية فليس له هداية.
  · الأحكام: تدل الآية أنه تعالى تعبد باتخاذ المساجد وعمارتها وملازمتها للعبادة، وعَظَّم منزلة من قام بذلك.
  وتدل على أن الأَوْلى الاشتغال بالعبادة دون أعمال الدنيا وإن كانت مباحة.
  وتدل على أن العبادة تَعْظُمُ مع الخوف.
  ويدل قوله: {يَخَافُونَ يَومًا} على شدة يوم القيامة.
  ويدل قوله: {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ} أن الثواب والعقاب جزاء الأعمال، خلاف قول الْمُجْبِرَة.
  وتدل على وعد بزيادة على المستحق، وذلك ترغيب في الطاعة.
  وتدل على مثل الكافر في غاية الوضوح؛ ليتدبروا فيه ويحترزوا عن مثل عمله؛ لأن الظمآن إذا جاء موضع السراب فلم يجد شيئاً عظمت حسرته، وتحير في أمره، كذلك الكافر، يتحمل المشقة، فإذا رأى عاقبتها عظمت ندامته، وهكذا حال اليهود والنصارى من الكفار والخوارج وغيرهم من المبتدعة، يعملون ما يظنون أنهم على شيء، كذلك المثل الثاني.