التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون 164}

صفحة 689 - الجزء 1

  ورابعها: إخراج الماء بحسب حاجتهم ومصالحهم، فلذلك صيرها أنهارًا وينابيع.

  وخامسها: ما جعل لكل حيوان من الأغذية التي عاشوا بها.

  وسادسها: ركب فيهم الشهوة التي بها تتم جميع هذه النعم.

  وسابعها: إحياء الخلق التي بها يتم جميعها، ولا يقدر على الحياة غيره.

  وثامنها: الصور المختلفة والأعضاء المختلفة والمركبات المتنوعة من اللحم والعظم والعصب والعروق، وجميع ذلك مركب من ماء دافق لا يقدر عليه أحد.

  وتاسعها: ما أجرى به العادة من ترتيبه حالاً بعد حال باللبن والطعام، ثم ما يعطيه من الآلات للنطق، والحس والعقل إلى غير ذلك من العجائب التي يطول تفصيلها.

  فأما تصريف الرياح فيدل من وجوه:

  أولها: إنشاء نفس الهواء الذي إذا تحرك صار ريحًا.

  وثانيها: تحريكه.

  وثالثها: تصريفها في الجهات.

  ورابعها: اختلافها في الحر والبرد.

  وخامسها: تأثيرها في الحيوانات وأنواع النبات والثمار على عادة مستمرة مستقيمة.

  وسادسها: ما أجرى العادة من ترتيبه حالاً بعد حال من تعلق ادخار الأطعمة بها، ولولاه لما بقيت على الادخار، وغير ذلك من منافع الريح.

  فأما السحاب فتدل من وجوه:

  أولها: إنشاء السحاب الثقال.

  وثانيها: بما فيه من الرعد والبرق.

  وثالثها: إسكانه الهواء مع ثقله مرة وإجراؤه مرة.

  ورابعها: جعله بالصفة التي يحمل الماء الكثير مع أنه ليس بجسم ممسك.

  وخامسها: حمله الماء بقدر الحاجة، وصبه في الموضع الذي يريده تعالى.