قوله تعالى: {ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون 41 ولله ملك السماوات والأرض وإلى الله المصير 42 ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار 43 يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار 44 والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير 45 لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم 46}
  السماوات: المطر، وبملك الأرض: النبات، وقيل: أراد به الرازق، والأول الوجه؛ لعمومه.
  ومتى قيل: أليس قد روي أن كل شيء يسبح؟
  قلنا: إن حمل على دلالته على التنزيه فصحيح، وقد بينا، وإن حمل على أنه يسبح بالقول لم يصح؛ لأنه ليس بمكلف، ولأن التسبيح لا يصح إلا ممن عرف اللَّه بتوحيده وعدله، وما يجوز عليه وما لا يجوز عليه، ولا يصح ذلك في الطيور والحيوانات غير المكلفين.
  فإن قال: فإنه تعالى يخلق فيهم التسبيح؟
  قلنا: فهو المسبح لا الطير، وإنما الطير محل التسبيح.
  «وَإلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ» أي: المرجع إلى حكمه يوم القيامة. «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا» قيل: يسوقه إلى حيث يريد، وقيل: يخرج شيئاً فشيئاً، «ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ» أي: يضم ويجمع بين قطع السحاب المتفرقة، «ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا» أي: متراكماً بعضه فوق بعض «فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ» أي: المطر يخرج «مِنْ خِلَالِهِ» من وسطه «وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ» قيل: معناه ينزل من السماء أمثال الجبال من برد إلى الأرض، عن ابن الأنباري، وقيل: ينزل من السماء بردًا من جبال في السماء من برد، وقيل: أراد بالسماء السماء المعروفة فيها جبال البرد