التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون 53 قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين 54 وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون 55}

صفحة 5233 - الجزء 7

  هو وأصحابه عشر سنين، وهاجروا وماتوا، ومكثوا بالمدينة خائفين، فقال رجل: ما يأتي علينا يوم نَأمَنُ فيه ونضع السلاح، فنزلت الآية، فأنجز اللَّه وعده وأظهره على الناس فأَمِنُوا.

  وقيل: لما انصرفوا من الحديبية وحزنوا أطعمهم خيبر، ووعدهم أن يدخلوا العام المقبل مكة آمنين، فنزلت الآية، عن مقاتل.

  · المعنى: لما تقدم ذكر المنافقين، بَيَّنَ في هذه الآية سيرتهم، وأنهم يقولون عند رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم خلاف ما يقولون في غيبته، فقال سبحانه: «وَأَقْسَمُوا» أي: حلفوا «بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ» أي: يبذلون الجهد في اليمين، وقيل: من حلف بِاللَّهِ فقد اجتهد في اليمين؛ لأنه حلف بما لا يتهيأ بأن يُحْلَفَ بأعظم منه، «لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ» يا محمد «لَيَخْرُجُنَّ» قيل: يخرجون فيما يحكم عليهم بالخروج منه، وقيل: ليخرجن إلى العدو والغزو، عن أبي علي، وقيل: ليخرجن عن أملاكهم، عن ابن عباس، «قُلْ» يا محمد لهم: لا تخرجوا عن أملاككم، ولكن أطيعوا اللَّه، قيل: «لاَ تُقْسِمُوا» أي: لا تحلفوا، فإن هذه طاعة بالقول دون الاعتقاد، فهي معروفة عندكم، يعني أنكم تكذبون، عن مجاهد، وقيل: لا تقسموا؛ بل أظهروا الطاعة، فإنها تعرف من غير قسم، فأما القسم في مثل هذا من التصنع والتملق، وقيل: طاعة معروفة هو أمر بالمعروف، عن أبي علي، وقيل: لا تقسموا على [شَيء قد عرف منكم] خلافه، ولكن أطيعوا «طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ» يعرفها أهل الدين، وقيل: لا