التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون 56 لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض ومأواهم النار ولبئس المصير 57 ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم 58 وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم 59 والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم 60}

صفحة 5243 - الجزء 7

  خدمنا وغلماننا يدخلون علينا في حال نكرهها، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.

  · المعنى: لما تقدم أنه يُمَكِّن هذا الدين الذي هو الإسلام، وأنه ارتضاه، عقبه بذكر إقامة شرائعه مع الأمن من الأعداء، وزوال الخوف، والبشارة بالنصر، فقال سبحانه: «وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ» أي: قوموا بأدائها وإتمامها في أوقاتها بشرائطها «وَآتُوا الزَّكَاةَ» المفروضة «وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» وقيل: لترحموا، وقيل: افعلوا ذلك متعرضين للرحمة راجين لها «لاَ تَحْسَبَنَّ» أيها السامع، أو أيها الإنسان، أو يا محمد، أي: لا تظنهم «مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ» قيل: فائتين منا سابقين، يقال: طلبته فأعجزني، أي: فاتني وسبقني، وقيل: ظنوا أنهم معجزون أولياء اللَّه من المؤمنين بأن يقاتلوهم ويظاهروهم، ويمانعوهم ويصيروهم إلى العجز عن أمر اللَّه «وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ» أي: مصيرهم، «وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ» أي: المرجع «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ» أي: ليطلبوا الإذن «الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» قيل: هو في أطفال المماليك والعبيد، عن أبي علي، وهو الوجه، وقيل: هو في النساء والرجال من العبيد، عن ابن عباس، وقيل: هو في الإماء، عن أبي عبد الرحمن السلمي، وقيل: هو في الرجال خاصة، عن ابن عمر، «وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ» من الأحرار «ثَلاَثَ مَرَّاتٍ» في ثلاثة أوقات، عن مجاهد، وقيل: إن الآية إرشاد وليس بحتم، كقوله: {وَأَشْهِدُوا إِذَا