التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون 56 لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض ومأواهم النار ولبئس المصير 57 ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم 58 وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم 59 والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم 60}

صفحة 5246 - الجزء 7

  المملوك قبل البفوغ والصبيان من الأحرار؛ لما في هذه الثلاثة الأوقات من التكشف، ولو كان المراد به البالغ لكانت هذه الأوقات وغيرها سواء.

  ولا يقال: الصبي غير مكلف.

  لأنا نقول: نحن كُلِّفْنا بمنعهم عن الدخول في هذه الأوقات إلا بإذن، وفيه لطف لنا وتأديب لهم، ونحو ذلك في كثير من الصبيان؛ ألا ترى أنهم يؤمرون بالصلاة ويُضَرَبون على تركها، وكذلك يمنعون من القبائح، والذي يدل على أنه في غير البالغ أيضاً قوله من بعد: «وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ [مِنْكُمُ الْحُلُمَ] فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ» وهو اختيار أبي علي، وعليه أكثر الفقهاء، وذكر إسماعيل بن إسحاق أن ابن عباس كان يقول: (ليستأذنكم الَّذِينَ لم يبلغوا الحلم مما ملكت أيمانكم) وذلك يوافق ما قدمنا.

  وتدل الآية على وجوب ستر العورة.

  وتدل على أن للأطفال والأحرار والمماليك الدخول في سائر الأوقات بغير إذن؛ لأن العادة الاستتار، ومنع في هذه الأوقات؛ لأن العادة فيها