قوله تعالى: {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون 61}
  · الأحكام: الآية تدل على رفع الحرج عن هَؤُلَاءِ وعن أصحاب الأعداء، وقد قدمنا ما قيل فيه.
  ويدل ما بعده على الإباحة في الأكل من بيوت هَؤُلَاءِ، واختلفوا، فقيل:
  المراد به مع الإذن، وخص هَؤُلَاءِ لما ذكرنا في سبب النزول، فتخصص بأولئك القوم، وقيل: المراد به بغير إذن، ثم نسخ بالكتاب بقوله: {إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ}[الأحزاب: ٥٣] وفي السنة: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه»، عن أبي علي.
  وأما قول من يقول: المراد بغير إذن وهو حكم ثابت فبعيد؛ لأن مال الغير لا يحل أكله وتناوله بغير إذنه قَلَّ أم كثر؛ ولذلك يعد خيانة وغصباً، غير أنه لا يمتنع أن يحصل عادة وعرفا، فيقوم مقام الإذن فحينئذ يحل؛ لأن دلالة الحال بمنزلة الإذن كمن قدم طعاماً إلى غيره، أو نثر سكرًا، أو وضع جب ماء على قارعة الطريق ونحو ذلك.
  ويدل قوله: {جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} على أنه مباح للقوم الاجتماع على الطعام وإن تفاضلوا في التناول، فقد كان يجوز أن يظن أنه حرام من حيث استووا في الإطعام وتفاضلوا في الأكل.