قوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم 62 لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم 63 ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم 64}
  بالانصراف «وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» يعني إذا تكامل إيمانهم فاستغفر لهم، وقيل: إذا تركوا الجهاد فَأْذَنْ واسْتَغْفِرْ لهم؛ ليكون استغفارك جبرًا لذلك النقص.
  ومتى قيل: أليس قال في موضع {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[التوبة: ٤٤]، {إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ}[التوبة: ٤٥]؟
  قلنا: هناك لم يستأذنوا لترك الخروج مع النبي ÷ واستأذن المنافقون، وهاهنا استأذن المؤمنون وهرب المنافقون.
  وقيل: في الموضعين استئذان المؤمن على حقيقته، واستئذان المنافق تشوق ورياء.
  «لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَينَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا» قيل: احذروا دعاءه عليكم إذا أسخطتموه، فإن دعاءه موجب ليس كدعاء غيره، عن ابن عباس، وقيل: لا تدعوه كما يدعو بعضكم بعضاً، فتقولوا: يا محمد، يا أبا القاسم، ولكن ادعوه بالتعظيم، وقولوا: يا رسول اللَّه، عن ابن عباس، وقتادة، وعكرمة، والضحاك، وقيل: ادعوه بالخضوع والتواضع، وخفض الصوت، عن مجاهد، وقيل: {لَّا تَجْعَلُوا} أي: ليس الذي يدعوكم إليه الرسول ويأمركم به كما يدعوا بعضكم بعضاً، فإن في القعود عن أمر غيره رخصة، ولا رخصة في التأخر عن أمر رسول