التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم 62 لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم 63 ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم 64}

صفحة 5258 - الجزء 7

  · النزول: قيل: نزلت الآية في حرب الخندق، وكان المنافقون ينصرفون لِوَاذًا مختفين عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم يريدون تَوْهِينَ أمره، وتفريق جمعه.

  وقيل: كان يُعَرِّضُ بالمنافقين في خطبه، فشقل عليهم، فيلوذون بأصحاب النبي، ففيهم نزلت الآية.

  · المعنى: لما تقدم ذكر بيان المعاشرة مع الأقرباء والمسلمين، بين في هذه الآية كيف يعاشَرُ النبي، ÷، فقال سبحانه: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ» يعني ليس المؤمن المستحق المدح إلا من كان بهذه الصفة «الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ» أي: صدَّقوا بتوحيد اللَّه وعدله ونبوة الرسول وبما جاء به «وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ» مع الرسول «عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ» يجمعهم، قيل: الأمر الجامع هو الحرب والغزو والأمور التي يحتاج فيها إلى العدد والقوة، عن مجاهد، وقيل: على أمر جامع: العيد والجمعة من مجامع المسلمين، وكل ما فيه خطبة، عن الحسن، «لَمْ يَذْهَبُوا» لم يتفرقوا عنه «حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ» يطلبوا إذنه في الخروج «إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ» يا محمد «أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ» أمرهم وحاجتهم «فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ»