التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم 62 لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم 63 ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم 64}

صفحة 5261 - الجزء 7

  «أَلاَ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» مُلْكاً وخلقاً ورزقاً، فنبه أنه لا يجوز للعبد أن يخالف أمر مالكه الذي له ما في السماوات والأرض فيستوجب عقوبته «قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيهِ» من طاعتكم ومعصيتكم «وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيهِ» إلى حكمه وأمره وجزائه «فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا» أي: يخبرهم بأعمالهم في الدنيا، ويجازيهم عليها، وقيل: يجزيهم توبيخاً وتقريعاً، وهو زجر ليكون العبد على أحوال جميلة، كما يقول الواحد لعبده: أنا أعلم بما تعمل «وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» لا يخفى عليه شيء.

  · الأحكام: يدل أول الآيات أن الأعمال من الإيمان خلاف قول المرجئة.

  ويدل قوله: {فأْذَنْ} على جواز الإذن، وعن قتادة قال: عاتب اللَّه رسول اللَّه ÷ في سورة (براءة) بقوله {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ}⁣[التوبة: ٤٣] ثم رخص في هذه الآية.

  وتدل على أنه لا يجوز أن يستأذن إلا لغرض، لذلك قال: {لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ}.

  وتدل على أنه ينبغي أن يبين للرسول حتى يكون الإذن للغرض، وللرسول