قوله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب 165}
  «وَلَوْ يَرَى» أما بالتاء فقيل: خطاب للنبي أي ولو ترى يا محمد، عن الحسن.
  وقيل: له والمراد غيره كقوله: الَّذِينَ آمنوا {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}.
  وقيل: ولو ترى أيها السامع أو أيها الإنسان فالخطاب لغيره، وأما الياء فالمراد نفس الَّذِينَ ظلموا تقديره: ولو يرى هذا الظالم، واختلفوا في الرؤية، فقيل: لو يبصرون، وقيل: لو يعلمون، وتقدير الكلام على الوجه الأول: لو رأيتهم عند رؤية العذاب كيف يتجادلون لعجبت، وعلى الوجه الثاني: لو علم هَؤُلَاءِ الظالمون حين يرون العذاب كيف يتبرأ بعضهم من بعض لما تناصروا على الظلم. (الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ) فيه حذف كأنه قيل: يعلمون أن القوة لله، فعلى هذا يتصل بما قبله، وقيل: «أَنَّ الْقُوَّةَ» مستأنف والحذف لـ (رأوا) - مضمرة - فعلهم وسوء عاقبتهم، ثم استأنف «أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ» ومعنى قوله: «أَنَّ القوَّةَ لله» يعني هو قادر على أخذهم وعقوبتهم، وفيه وعيد وإشارة إلى أن هَؤُلَاءِ الجبابرة مع عزتهم إذا حشروا ذلوا وتخاذلوا وعلموا أن القوة لله، وأن الأنداد لا تنفعهم والتناصر لا يغني عنهم شيئًا، وقيل: معناه إن القوة كلها من اللَّه خلقها في العباد فكيف يُعبد بها سواه من الأنداد ولا يملك قوة ولا نفعًا ولا ضرًّا، وقد بينا الفتح والكسر في (أن) والوجه فيه «وَأَنَّ اللَّه شَدِيدُ الْعَذَاب» يعني عذابه شديد، ووصف العذاب بالشدة مبالغة في الوصف، وهو توسع؛ لأن الشدة من صفات الأجسام.
  · الأحكام: الآية تدل على أن المؤمن يحب اللَّه تعالى، ويحب عبادته والجهاد في سبيله، حتى يبذل نفسه وماله فيه، فلذلك وصفه بأنه أشد حبًّا لله.
  وتدل على أن أشد الناس حبًّا لله أعرفهم به، فتدل من هذا الوجه أنه ليس في المكلفين أشد حبًّا لله من أهل التوحيد والعدل؛ لأن عندهم أنه تعالى محسن عَدْلٌ، تفضل عليهم بأنواع النعم من الخلق والرزق والتكليف، وأنه خلقهم للجنة وأكمل عقولهم ولا يفعل بهم إلا ما هو أصلح، وأنه أزاح عللهم، وإذا أطاعه [عَبْدٌ] صيره إلى نعيم الأبد، وأنه لا يفعل الظلم ولا يخلق أحدًا للنار، والْمُجْبِرَة تزعم أنه خلق