قوله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب 165}
  ويدل عليه قوله تعالى: «إِذْ تَبَرَّأ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا» من بعد: «يُحِبُّونَهُمْ» وليس المراد محبة ذاتهم فلا بد من محذوف، والمراد يحبون عبادتهم والتقرب إليهم والانقياد لهم وجميع ذلك، «كَحُبِّ اللَّه» فيه ثلاثة أقوال:
  الأول: كحبكم اللَّه، يعني الَّذِينَ اتخذوا الأنداد، فيكون على من يعرف اللَّه من المشركين، ويعبد معه الأوثان، ويسوون بينهم في المحبة، عن الأصم وأبي علي وأبي مسلم.
  الثاني: كحب المؤمن لله، عن ابن عباس والحسن.
  الثالث: كحب اللَّه؛ أي الحب اللازم الواجب عليهم لا الواقع عن أبي علي، وهذان الوجهان على قول من يقول: لم يكونوا عارفين بربهم، والأول هو الظاهر؛ لأن «يُحِبُّونَهُمْ» راجع إلى الناس، فلذلك قال: «كَحُبِّ اللَّه»؛ لأنه تقدم ذكرهم دون ذكر المؤمنين.
  «وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ» يعني حب المؤمنين فوق حب هَؤُلَاءِ، وحبهم أشد من وجوه:
  أحدها: إخلاصهم التعظيم والعبادة له والثناء عليه دون من أشرك.
  والثاني: أن حبهم لله اقترن به الرجاء للثواب والرغبة، وعظم المنزلة والخوف من شدة العقاب، فكان محبتهم أشد، عن أبي علي.
  وقيل: إنهم يعبدونه ويحبونه عن علم بأنه المنعم ابتداء، ويرجون رحمته عن يقين، ويعلمون أنه فعل لهم في جميع أحواله ما هو الأصلح لهم في الدين، وأنعم عليهم ما لا يدخل تحت العد، فلا بد أن يكون حبهم له أشد.
  وقيل: إذا علم أنه تعالى حكيم، لا مِثْل له ولا نظير، وأنه عدل وله الصفات العُلاَ والأسماء الحسنى، وإليه المرجع والمآب، فيكون حبه أشد ممن لا يعلم على الحقيقة، واختلفوا في معنى قوله: «أَشَدُّ» فقيل: أثبت وأدوم فإن المشرك ينتقل من صنم إلى صنم، عن ابن عباس. وقيل: لأن حبهم مشترك وحب المؤمنين في الإخلاص. وقيل: المؤمن يعبده بلا واسطة، والمشرك يعبده بواسطة، عن الحسن.