قوله تعالى: {قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما 6 وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا 7 أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا 8 انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا 9 تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا 10}
  أحدها: أنه بشر يأكل الطعام.
  والثاني: أنه يمشي.
  والثالث: هلا كان له جنة أو كنز.
  الرابع: أنه مسحور، ثم أبطل جميع ذلك بقوله: «انظر ...» الآية.
  ومتى قيل: كيف يكون هذا جواباً؟ وكيف كانوا بذلك مبطلين؟
  فجوابنا: أن دلالة نبوته القرآن وسائر المعجزات، وأعرضوا عنه، وأوردوا ما لا يخفى على عاقل فساده؛ لأن النبوة لا تتعلق بالصورة والجنس؛ إذ لو لم يأكل ولم يمش ولم يكن معه معجزة ما كان نبياً، فما فائدة هذا الكلام لولا الجهل والتحير.
  ويدل قوله: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ} على الترغيب في القيام بأداء الرسالة، وألّا يعبأ بجهالات القوم.
  وتدل على أن هذا القول كان منهم ليس بخلق لله، ولا شبهة للمجبرة بقوله: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا} لأنه ليس فيه سبيل إلى ماذا، وقد بينا ما قيل فيه، فلو أراد أنهم لا يقدرون على أن يعتقدوا الحق، لكانوا معذورين، ولكانت الآية حجة لهم.