التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما 6 وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا 7 أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا 8 انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا 9 تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا 10}

صفحة 5272 - الجزء 7

  بستان «يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ» لأنفسهم حيث أوبقوها، وللرسول حيث كذبوه «إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا» يعني مُوِّهَ عليه فلا تتبعوه، قاله الرؤساء للاتباع، «انظُرْ» يا محمد «كَيفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ» كيف شبهوك ومثلوك، فيقولون ما قدمنا من الأقوال، وكله كلام المتحير الجاهل «فَضلوا» عن الهدى «فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا» إلى الهدى مخرجاً عن الضلال، يعني السبيل الذي سلكوه لا يجدون فيه هدى، ولو سلكوا سبيل الحق لوجدوا الهدى، وقيل: لا يجدون سبيلاً إلى الحق مع ردهم الدلائل والحجج واتباعهم التقليد والإلف والعادة، وقيل: لا يجدون سبيلاً إلى الطعن عليك إلا طريق المعارضة فقط، وقد عجزوا عنه، وسائر ما يقولون لا يقدح فيك، وقيل: ضلوا فلا يجدون فيما هم فيه من الشبه سبيلاً إلى الحق «تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ» أي: مما قالوا، عن مجاهد، يعني ما سألوا من الكنوز والجنات والأنهار، وقيل: جواز المشي في الأسواق والتماس المعاش، عن ابن عباس.

  ثم بين ذلك الخير، فقال سبحانه: «جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا» أي: بيوتاً مشيدة، وقيل: منازل رفيعة، وروي أنه لما نزلت هذه الآية أوحى الله إليه: «إن شئت أعطيتك خزائن الأرض» فاختار الدار الآخرة.

  · الأحكام: تدل الآية على أن القرآن كلامه وأنه المنزل له فيوجب كونه محدثاً.

  وتدل على أن جميع ما قالوه فيه ليس بطعن؛ لأنهم أوردوا أربعة أشياء: