قوله تعالى: {ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل 17 قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا 18 فقد كذبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفا ولا نصرا ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا 19 وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا 20}
  الكبائر «نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا» أي: عذاب جهنم «وَما أَرسلنا قَبْلَكَ» يا محمد «مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ» قيل: معناه أنا أرسلنا الرسل من البشر تأكل الطعام وتشرب وتمشي، كما أنت، قيل: وهذا جواب لقولهم: {يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} وقيل: معناه: إلا قيل لهم: أنتم تأكلون الطعام، كما قيل لك، دليله: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ}[فصلت: ٤٣]. «وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً» قيل: للعداوة التي بينهم في الدين، وما ينال المسلم من الكافر، والكافر من المسلم، عن أبي علي، وقيل: المريض فتنة للصحيح، والمبتلى فتنة للمعافى، والفقير للغني، فيقول السقيم: ولو شاء اللَّه لجعلني صحيحاً، ويقول الفقير: لو شاء اللَّه لجعلني مثل فلان، عن الحسن، وقيل: الأنبياء فتنة للأمم يلزمهم اتباعهم، وتعظيمهم، والإيمان بهم، والأُمَّةٌ محنة للأنبياء يلزمهم دعوتهم، والصبر على مشاق الأداء وأذاهم، وقيل:
  بالفاضل والمفضول، وتفاضل الدرجات في أمور الدنيا والدين، فيمتحن المالك بالمملوك، والحر بالعبد، والعالم بالجاهل، والسلطان بالرعية «أَتَصْبِرُونَ» استفهام، والمراد به الدعاء إلى الصبر، فتأكيده بالوعيد، وقيل: جعلنا