قوله تعالى: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا 31 وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا 32 ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا 33 الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا 34 ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا 35 فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميرا 36 وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية وأعتدنا للظالمين عذابا أليما 37 وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا 38 وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا 39 ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا 40}
  والتتبير: الإهلاك، والاسم منه: التَّبار، وكل ما كسر وهدم فهو مُتَبَّر، ومنه قيل: لقطع الذهب تِبْرٌ.
  · الإعراب: «بِرَبِّكَ» قيل: الباء صلة؛ لأن (كفى) يتعدى، ومعناه: كفى ربك، وقيل: بل الباء غير زائدة؛ لأن كفى واكتفى لازم، فتدل الباء على ذلك، كأنه قيل: كفى ربك ناصرًا فاكْتَفِ به.
  «هَادِيًا وَنَصِيرًا» نصب على الحال، أي: حسبك ربك في حال نصرته وهدايته، وقيل: على التمييز، أي: حسبك ربك ناصرًا من جملة الناصرين، كلاهما عن الزجاج.
  و (وَقَوْمَ نُوحٍ وَعَادًا) نصب، قيل: بمحذوف أي: اذكر قوم نوح، وقيل: عطف على قوله: «دمرناهم» كأنه قيل: دمرنا قوم نوح وعاداً.
  قوله: {وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} وهو أحسن في موضع جر، إلا أنه لا ينصرف؛ لأنه أَفْعَلُ، تقديره: جئناك بأحسن تفسيرًا، ونصب «تفسيرًا» على التمييز.
  {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ} نصب كلها بالعطف على قَوْمَ نُوحٍ والعامل: «دمرناهم»، وكل ذلك مفعول به.
  «إِلَّا كُفُورًا» يعني أبوا إلا أن يكفروا، فأقام الكُفُورَ مقام يكفر.
  · المعنى: لما تقدم قول الرسول أن قومه اتخذوا كتابه ودينه مهجورًا، بيّن حال الأنبياء قبله، وما نالهم من قومهم تسلية له، فقال سبحانه: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ