قوله تعالى: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا 31 وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا 32 ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا 33 الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا 34 ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا 35 فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميرا 36 وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية وأعتدنا للظالمين عذابا أليما 37 وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا 38 وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا 39 ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا 40}
  الْمُجْرِمِينَ» قيل: كما جعلنا لك عدواً من المجرمين جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ {من المجرمين} من مجرمي قومه قبلك، عن ابن عباس، ومعنى (جعلنا) أي: حكمنا بكونهم أعداء الأنبياء، وبينا عداوتهم؛ ليتحرزوا منهم، وينصبوا لهم العداوة، يقال: فلان كَفَّرَ فلاناً وفَسَّقَهُ، أي: وصفه بذلك وجعله كذلك، وصف به، وقيل: معناه: كما جعلنا النبي يعادي المجرم مدحاً له كذلك جعلنا من يعادي النبي ذماً له، وهذا معنى الحكم والوصف والبيان، وقيل: باعدا اللَّه تعالى بين الأنبياء وبين الكفار، «وَكَفَي بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا» أي: لا يهمنك عداوتهم فإنهم لن يضروك شيئاً كما في الأنبياء، فإن اللَّه ناصرك وهاديك، وكفى به ناصرًا وهادياً.
  «وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً» كما أنزلت التوراة على موسى، والإنجيل على عيسى، والزبور على داود جملة واحدة، وهذا كلام جاهل يطعن بشيء لا يُطعن فيه؛ لأنه ليس في نزوله متفرقاً أو جملة ما يقتضى طعناً.