قوله تعالى: {وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا 41 إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا 42 أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا 43 أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا 44 ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا 45 ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا 46 وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا 47 وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا 48 لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا 49 ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا 50}
  وسعيد بن جبير، وإنما جعله ممدوداً؛ لأنه لا شمس معه، كما قيل في الجنة: {وَظَلٍّ مَمْدُودٍ}[الواقعة: ٣٠]، وقيل: هو الظل بعد غروب الشمس، ولا مانع من حمله عليهما، وقيل: من بعد غروبها إلى طلوعها، عن أبي علي. «وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا» أي: دائماً ثابتاً لا يزول، عن ابن عباس، ومجاهد، وهو أن يمنع الشمس من الطلوع، وقيل: إن النعمة بالظل عظيمة في النبات والأشجار والثمار والحيوانات، واللَّه سبحانه يقبضها ويبسطها «ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا» أي: علي الظل دليلاً؛ لأن الظل يتبع الشمس كما يتبع السائر الدليل، فيطول ويقصر بحسب الشمس، فإن ارتفعت الشمس قصر الظل، وإن انحطت طال، ولولا الشمس ما عرف الظل «ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إلينا» القبض الذهاب به، يعني بإذهابها له عند مجيئها، عن ابن زيد، يعني قبضنا الظل «قَبْضًا يَسِيرًا» أي: شيئاً بعد شيء على قدر سير الشمس، وقيل: يسيرًا عليه لا تعب فيه «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا» أي: سترًا تستترون به وتسكنون فيه، وشبه الليل باللباس؛ لأنه يستر كل شيء بظلمته، وقيل: لأن الناس يلبسون الدثار والشعار عند النوم، «وَالنَّوْمَ سُبَاتًا» قيل: راحة لأبدانكم، وقطعاً لأعمالكم، «وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا» أي: تنتشرون فيه لطلب المعاش، وتنبسطون في التصرفات «وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ» يعني يرسل الرياح أمام الغيم لتبشركم بالمطر، وإذا قرئ بالنون فالمراد تجيء بالمطر، أو ببسطها، وسميت الرياح نُشرًا
  قيل: لأنها تنشر السحاب، وقيل في الرحمة: رياح؛ لأنها جمع: الجنوب، والشمال، والصبا، وفي العذاب: ريح واحدة وهي الدبور، وهي عقيم لا تلقح،