التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا 41 إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا 42 أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا 43 أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا 44 ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا 45 ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا 46 وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا 47 وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا 48 لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا 49 ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا 50}

صفحة 5309 - الجزء 7

  وكل الرياح لواقح إلا الدبور، واللَّه أعلم بتفصيل ذلك. «وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا» قيل: طاهرًا، وقيل: طاهرًا في نفسه ومطهرًا لغيره «لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا» لا زرع فيه ولا ضرع فيه ولا نبات، فينبت اللَّه تعالى بالمطر النبات وتورق الأشجار، ويخلق الثمار، فجعله ميتاً عند عدم النبات حياً عند وجوده توسعاً «وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا» أي: نجعله سقياً للأنعام والناس، وقد قيل: معناه: نسقي في البلدان التي أحييناها بالمطر أناساً كثيرًا وأنعاماً جمة «وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ» يعتي صرفنا المطر بينهم يدور في جهات الأرض، وقيل: قسمناه بينهم، وقيل: صرفناه بينهم، وقيل: صرفناه وابلاً وطَشًّا ورَذَاذاً، وقيل: التصريف يرجع إلى الريح، وقيل: صرفناه بأن أجريناه في الأنهار والعيون، وقيل: هذه النعم «صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ»، وقيل: الهاء ترجع إلى جميع ما تقدم من الآيات، قيل: صرفنا القرآن بينهم ليتعظوا به «لِيَذَّكَّرُوا» قيل: ليتعظوا، وقيل: ليذكروا نعم اللَّه وقدرته، ويعلموا أنه لا يقدر عليه غيره فيعبدوه «فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا» يعني كفرًا بنعمته، وجحوداً له، وقيل: هو قولهم: مطرنا بِنَوْءِ كذا.