التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما 67 والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما 68 يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا 69 إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما 70 ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا 71}

صفحة 5330 - الجزء 7

  أنها منسوخة بآية سورة (النساء): {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا}⁣[النساء ٩٣] وأن التوبة من القتل لا تصح، والعلماء بأسرهم على خلافه، ولأنه لا ذنب أعظم من الكفر وعبادة الأوثان، ثم التوبة من ذلك تصح، فالقتل أولى، ولأنه لا يجوز أن يبقى مكلفاً، ولا طريق له إلى التخلص من العقاب، ولأن التوبة بمنزلة الاعتذار.

  وتدل على أن التوبة تزيل العقاب.

  وتدل على أنها بانفرادها لا تؤثر حتى يقارنها الإيمان والعمل الصالح.

  وتدل على أنه تعالى يبدل سيئاته بالحسنات، وعن الحسن أنه يكون في الدنيا وهو ما يظهر منه، وقال غيره: إنه في الآخرة، وقد بينا ما قيل فيه، ولا يصح حمله على تبديل الحسنات والسيئات؛ لأن ذلك أعراض انقضت لا يجوز عليها الإعادة، ولا على نحوها من الأعراض؛ لأنه يريد ذكرهما فلا بد أن يحمل على المستحق عليه من الثواب والعقاب.

  وقوله: «مَتَابًا» تنبيه على أنه مع التوبة لا بد من انقطاع إلى اللَّه تعالى وطلب مرضاته.

  وتدل على أن أفعال العباد حادثة من جهتهم.