قوله تعالى: {طسم 1 تلك آيات الكتاب المبين 2 لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين 3 إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين 4 وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين 5 فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون 6 أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم 7 إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين 8 وإن ربك لهو العزيز الرحيم 9}
  · الإعراب: يقال: لِمَ قال: «خاضعين» في الأعناق، وهي مما لا تعقل، ولم يقل: خاضعة، وقال: «فظلت»؟
  قلنا: فيه أقوال:
  أولها: أراد أصحاب الأعناق فحذف المضاف، وإقام المضاف إليه مقامه.
  وثانيها: أراد بالأعناق الرؤساء.
  وثالثها: ذكر الصفة لمجاورتها المذكر وهو قوله: «هم» على عادة العرب في تذكير المؤنث إذا أضافوه إلى مذكر، وتأنيث المذكر إذا أضافوه إلى مؤنث.
  ورابعها: أنها ذكرت بصفة [من] يعقل لما أضيف إليه ما هو متعارف من بني آدم وهو الخضوع كقوله: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ}[يوسف: ٤].
  وخامسها: عبر بالأعناق عن خضع الأبدان، فتقديره: ظلوا خاضعين.
  وسادسها: للتفخيم كقول جرير:
  أَرَى مَرَّ السِّنِينِ أَخَذْنَ مِنِّي ... كَمَا أَخَذَ السِّرَارُ مِنَ الْهِلَالِ
  وسابعها: لرؤوس الآي.
  وثامنها: راعى المعنى وهم الكفار.
  وجزم {نُنَزِّلْ} لأنه جواب الشرط وهو قوله: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ}.
  · النزول: قيل: لما كذب أهل مكة رسول اللَّه ÷ شق ذلك عليه، فأنزل اللَّه سبحانه:
  {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} الآية.
  وعن ابن عباس: نزلت «فَظَلَّتْ» فينا وفي بني أمية، ستكون لنا عليهم الدولة فتذل لنا أعناقهم.