قوله تعالى: {طسم 1 تلك آيات الكتاب المبين 2 لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين 3 إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين 4 وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين 5 فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون 6 أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم 7 إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين 8 وإن ربك لهو العزيز الرحيم 9}
  · المعنى: {طسم} قيل: اسم للسورة، عن مجاهد، وأبي علي. وقيل: من أسماء القرآن، عن قتادة. وقيل: هو من أسماء اللَّه تعالى، فالطاء: طَوْلُهُ، والسين سناؤه، والميم ملكه، ويُروَى نحوه عن ابن عباس. وقيل: إشارة إلى أن القرآن من هذه الحروف وبها يتكلمون، فإذا عجزتم عنها عُلِمَ أنه كلام اللَّه تعالى وأنه معجز، عن أبي مسلم. وقيل: إشارة إلى أن كلامه من هذه الحروف فيكون معجزاً، عن أبي بكر الزبيري. وقيل: لما قالوا: لا تسمعوا لهذا القرآن، ابتدأ السورة بهذا ليستمعوا فتعقبه بالحجة عليهم، عن قطرب. «تِلْكَ» يعني هذه السورة، وقيل: هذه الآيات، وقيل: «تِلْكَ» يعني هذه الآية «آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ» يعني يبين الحق من الباطل وبلغ البيان كل مبلغ قطع الحجة، واللَّه تعالى هو المبين، وإنما أضاف إلى الكتاب توسعاً؛ لأنه به بَيَّنَ «لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ» قيل: قاتلٌ نفسك، عن ابن عباس، وقتادة. وقيل: مخرجٌ نفسك من جسدك، عن ابن زيد. يعني مهلكٌ نفسك شفقة عليهم إن لم يؤمنوا فقد أُتُوا في الكفر من جهتهم لا من جهتك، وقد بالغت فيما كان عليك من الأداء والوعظ «إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً» قيل: إن يشأ لأراهم أمرًا من أمره لا يعمل أحد بعده بخلاف أمره، عن ابن جرير. وقيل: ذاك صوت يسمع من السماء، عن أبي حمزة الثمالي. «فَظَلَّتْ» ماضٍ بمعنى المستقبل؛ لأنه جزاء فلا يكون ماضياً «أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ» قيل: معناه لا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية، عن قتادة. وقيل: أعناقهم: رؤساؤهم وساداتهم، عن مجاهد. وقيل: جماعاتهم، يقال: جاء القوم عُنُقًا عُنُقًا أي: طوائف وجماعات، وقيل: إنما خص العنق بالذكر؛ لأن الخضوع والكبر ينسبان إليه، يقال: مد عنقه، والمعنى: ولو شئنا لأجبرناهم على الإيمان ولكن يزول التكليف، وإنما أمرناهم بالإيمان مختارين، وأزحنا علتهم، وأعطيناهم القدرة والآلة فإن لم يؤمنوا فلا يهمنك أمرهم فوباله عليهم «وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ» قيل: القرآن، وقيل: وعظ وتذكير «مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ» لم يكن فأوحي إليه «إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ، فَقَدْ كذَّبُوا» بذلك «فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ» أخبار وعواقب «مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون» بالنبي ÷، وهذا وعيد لهم، ومعنى أنبائه جزاؤه الذي يصل إليهم في الدنيا والآخرة.