التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {طسم 1 تلك آيات الكتاب المبين 2 لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين 3 إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين 4 وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين 5 فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون 6 أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم 7 إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين 8 وإن ربك لهو العزيز الرحيم 9}

صفحة 5341 - الجزء 7

  ثم بين دلائل التوحيد فقال سبحانه: «أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ» قيل: لون وصنف «كَرِيمٍ» قيل: حسن، وقيل: مُكَرَّمٍ على أهله مَنْفَعَتُهُ، وقيل: ما يأكل الناس والأنعام، عن مجاهد. «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً» حجة على أنه قادر عالم حي قديم إله «وَمَا كَان أَكثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ» لأنهم لم يتفكروا في ذلك واتبعوا الإلف والعادة والتقليد، وآثروا الحياة الدنيا «وَإنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ» القادر على ما يَشَاء من أخذهم والانتقام منهم «الرَّحِيمُ» فلا يعاجلهم ويغفر لهم إن تابوا.

  · الأحكام: الآية تدل على أن القرآن بنفسه بيان خلاف ما تقوله الحشوية والإمامية، ثم ما فيه على وجوه:

  منها: بيان التوحيد والعدل، ففيه بينة على الأدلة ولطف للمكلف، وتأكيد لما في العقول من إثبات الصانع وصفاته وأنه لا يشبه شيئاً.

  ومنها: بيان صحة النبوة وبيان المعجز.

  ومنها: بيان ما يعلم حكمه بالشرع من الواجبات والحلال والحرام، فذلك مما لا يعرف إلا به. ثم منه ما هو مبين فلا يحتاج إلى بيان، ومنه مجمل ومتشابه يحتاج إلى البيان.

  ومنها: القصص والأخبار لما فيه من المواعظ.

  ومنها: المواعظ والزواجر.

  ومنها: الأمثال والحكم وجميع ذلك لا يخلو من فوائد.

  وتدل على أن على الرسول البلاغ فقط، فأما القبول فإليهم.

  وتدل على أن الإيمان فعلُهم.

  وتدل على أنه لو شاء لألجأهم؛ لأنه قادر على إلجائهم، وإنما لم يفعل؛ ليتم التكليف.