قوله تعالى: {وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين 10 قوم فرعون ألا يتقون 11 قال رب إني أخاف أن يكذبون 12 ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون 13 ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون 14 قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون 15 فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين 16 أن أرسل معنا بني إسرائيل 17 قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين 18 وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين 19 قال فعلتها إذا وأنا من الضالين 20}
  القبطي «وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ» قيل: من الكافرين بالدين الذي نحن عليه فتعيبه، عن الحسن، والسدي. وقيل: من الكافرين لنعمتي وحق تربيتي، عن ابن عباس، وابن زيد، وأبي علي. وقيل: يحتمل أنه اتبع في تسمية موسى بالكفر كلاماً سمعه من موسى في تكفيره وتكفير قومه فرماه به «قَال» موسى «فَعَلْتُهَا إِذًا» يعني قتل القبطي «وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ» من السنن والوحي والشرع، فلم أهتد إلى شيء من ذلك، وقيل: من الضالين عن طريق الصواب، وقيل: عن العلم أن ذلك يؤدي إلى قتله، عن أبي علي. يعني من غير قصد في قتله، كمن يرمي طائرًا فيصيب إنساناً، وقيل: فعلتها وأنا من الجاهلين، ويروى أنه كذلك في حرف ابن مسعود، وقيل: من المخطئين، وقيل: من الناسين، كقوله: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا}[البقرة: ٢٨٢].
  · الأحكام: يدل قوله: {أَلَا يَتَّقُونَ} أن الغرض بالإرسال أن يتقوا، دل أنه أراد ذلك وإن لم يفعلوا.
  وتدل الآيات على جواز الخوف على الأنبياء.
  وتدل على حسن طلب المعونة مع العصمة.
  ومتى قيل: أليس يجب تبقيته إلى أن يؤدي، فكيف خاف القتل؟ فإن قلتم لم يعلم هو فلا يجوز؛ لأنه من أَجَلِّ المسائل، وإن قلتم عَلِمَ فهو إغراء. وقوله:
  {فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ} كأنه استعفاء من الرسالة، وذلك لا يجوز؟
  قلنا: أما الأول فعند البغدادية كلفه بشرط التبقية فلا يكون فيه إغراء، فأما عند مشايخنا البصرية فلا يصح التكليف بشرط، ولكن إذا أرسله فلا بد من تبقيته حتى يؤدي، ولا بد أن يعلم النبي ذلك، ولكن لا يكون إغراء؛ لأنه تعالى علم من حالهم أنهم لا يعصونه بخلاف غيرهم.
  ومتى قيل: إذا علم التبقية فلم خاف القتل بعد أداء الرسالة؟