التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين 21 وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل 22 قال فرعون وما رب العالمين 23 قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين 24 قال لمن حوله ألا تستمعون 25 قال ربكم ورب آبائكم الأولين 26 قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون 27 قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون 28 قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين 29 قال أولو جئتك بشيء مبين 30}

صفحة 5347 - الجزء 7

  · اللغة: الفرار والهرب من النظائر، والهبة والصلة والعطية من النظائر، وَهَبَ فهو واهب، والهبة: عقد جائز في الشرع صحتها بالإيجاب والقبول بالاتفاق، ثم اختلفوا فقيل: بالقبض والتسليم عند أكثر الفقهاء، وقال الهادي: تصح من غير قبض، فلا يجوز في المشاع فيما ينقسم عند أهل العراق، وقال الشافعي: تصح.

  والتعبيد: اتخاذ الإنسان عبداً، يقال: عَبَّدْتُهُ وأَعْبَدْتُهُ.

  والمجنون: الذي غطت العلة عقله، وأصله الستر، ومنه: جَنَّهُ الليل: سَتَرَهُ، ومنه الجن والجِنة والجَنة والجَنَان.

  والمبين: المستبين، أبان الشيءُ يَبِينُ إبانة إذا استبان، وأصل الباب: القطع، ومنه البَيْن والبَيِّن.

  · الإعراب: «في:» «أَنْ عَبَّدْتَ» وجهان: النصب بنزع الخافض أي: بتعبيدك أو لتعبيدك، والثاني: الرفع على البدل من النعمة، تقديره: وتلك نعمة تعبيدك.

  · المعنى: ثم بيّن تعالى تمام جواب موسى وما جرى بينه وبين فرعون، فقال سبحانه: «فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ» إلى مدين «لَمَّا خِفْتُكُمْ» على نفسي من القتل بالقبطي، وقيل: خفتكم لِمَا ظهر مني من مخالفتكم في الدين وإعانتي بني إسرائيل، واختلفوا، فقيل: لم يكن عليه قصاص؛ لأنه مخطئ، وقيل: لأنَّهُ مباح الدم، وقيل: القصاص أمر شرعي؛ ولم يكن ثَمَّ شرع، وإنما خاف منهم الظلم والتعدي، أي: خفت ظلمكم «فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا» قيل: علماً وفهماً؛ وهو الأولى؛ لأنه عطفه على الرسالة، وقيل: نبوة «وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ» أي: من جملة الأنبياء «وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ» فيه ثلاثة أقوال:

  أحدها: أنه اعتراف بالنعمة من موسى.