قوله تعالى: {كذبت عاد المرسلين 123 إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون 124 إني لكم رسول أمين 125 فاتقوا الله وأطيعون 126 وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين 127 أتبنون بكل ريع آية تعبثون 128 وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون 129 وإذا بطشتم بطشتم جبارين 130 فاتقوا الله وأطيعون 131 واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون 132 أمدكم بأنعام وبنين 133 وجنات وعيون 134 إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم 135 قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين 136 إن هذا إلا خلق الأولين 137 وما نحن بمعذبين 138 فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين 139 وإن ربك لهو العزيز الرحيم 140}
  · المعنى: ثم بيّن قصة هود، فقال سبحانه: «كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرسلينَ» قيل: هوداً ومن تقدمه، وقيل: بتكذيب هود يكذبون الجميع «إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ» في النسب لا في الدين، عن الحسن. «هُودٌ أَلاَ تَتَّقُونَ» اللَّه فلا تعصونه «إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ» على الرسالة، وقيل:
  أمين قبل الرسالة فكيف تتهموني؟! وقيل: بلغت ما حملت في أمركم «وَمَا أسْأَلُكُمْ عَلَيهِ مِنْ أَجْرٍ» أي: على الأداء «إِنْ أَجْرِي إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ. أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ» مكان مرتفع، عن أبي عبيدة. وقيل: بكل طريق، عن قتادة، والضحاك، ومقاتل. وقيل: شرف، عن ابن عباس. وقيل: كانوا بِفَجٍّ بين الجبلين، وقيل: بكل واد، عن عكرمة. «آيَةً» قيل: منظر، عن ابن أبي نجيح. وقيل: أمثالاً ليهتدوا بها، عن مقاتل. وقيل: الحمام، عن مجاهد. لذلك قال: «تَعْبَثُونَ» أي: تلعبون، عن ابن عباس. وقيل: كانوا يبنون بالمكان المرتفع البناء العالي؛ ليدلوا بذلك على أنفسهم وبه يتفاخرون «وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ» قيل: أبنية مرتفعة، عن ابن عباس. وقيل: لكل بناء مَصْنَعَة، وقيل: قصورًا مشيدة، عن مجاهد. وعنه: حصوناً، وقيل: بروج الحمام، عن ابن أبي نجيح. وقيل: مآخذ الماء، عن قتادة. وقيل: منازل، عن الكلبي.
  وقيل: البساتين المشتملة على الحياض؛ يعني يفعلون هذه الأشياء طلباً للزينة «لَعَلَّكمْ تَخْلُدُونَ» أي: كأنكم تبقون أبداً، عن ابن عباس، وقتادة. وقيل: لعل: استفهام، أي: فهل تخلدون إذا فعلتم هذه الأشياء؟! عن ابن زيد. وقيل: كيما تخلدون، عن الفراء. «وَإذَا بَطَشْتُمْ» أخذتم بسطوة «بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ» قيل: بغير حق، وقيل: قتلاً بالسيف وضربا بالسوط، عن ابن عباس، وقتادة. وقيل: الأخذ من غير تثبيت، عن الحسن. «فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ» أي: اتقوا عصيان مَنْ أنعم عليكم، وإنما كرر هذه الآية؛ لأن الأول في ترك تكذيب الرسل وطاعة الرسول فيما يؤديه عن اللَّه، والثاني: اتقوا اللَّه في بطش الجبارين وعمل اللاهيين، «وَأَطِيعُونِ» فيما آمركم به «وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا