قوله تعالى: {كذب أصحاب الأيكة المرسلين 176 إذ قال لهم شعيب ألا تتقون 177 إني لكم رسول أمين 178 فاتقوا الله وأطيعون 179 وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين 180 أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين 181 وزنوا بالقسطاس المستقيم 182 ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين 183 واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين 184 قالوا إنما أنت من المسحرين 185 وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين 186 فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين 187 قال ربي أعلم بما تعملون 188 فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم 189 إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين 190 وإن ربك لهو العزيز الرحيم 191}
  شعيباً # إلى أمتين، قال ابن زيد: بعث اللَّه سبحانه شعيباً إلى أهل مدين وإلى أهل البادية، وهم أصحاب الأيكة «إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيبٌ» ولم يقل أخوهم؛ لأنه لم يكن منهم نسباً بخلاف سائر الأنبياء إلا موسى فإنه لم يكن من القبط، وقيل: لم يكن من أصحاب الأيكة، وكان من أهل مدين، فلما ذكره في موضع آخر [قال]: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا}[الأعراف: ٨٥]، «أَلَا تَتَّقُونَ» اللَّه، وهذا تلطف في الدعاء إلى الحق كقولك للضيف: أَلاَ تأكل. «إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ» على أداء الرسالة «فَاتَّقُوا اللَّهَ» ولا تعصوا أمره «وَأَطِيعُونِ» فيما آمركم به وأدعوكم إليه «وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ» أي: على أداء الرسالة وبيان الحق «مِنْ أَجْرٍ» من جُعْلٍ وجزاء في الدنيا «إِنْ أجْرِيَ» على ذلك «إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ» من ثواب الآخرة، وكانت دعوة الأنبياء $ على نسق واحد، يبدأ بالتوحيد والعدل والنبوات، ثم يأمر بالتقوى وينهى عن المنكرات، ثم بين الامتناع عن أخذ أجر وجُعْلٍ؛ لأن الناس عنده أقرب إلى القبول، ثم بين الشرائع، فإذا فرغ من ذلك فإن كان في بقائه لطف أبقاه، وإلا نقله إلى رحمته ورضوانه «أَوْفُوا الْكَيلَ» أي: أعطوا ما تعطون بالكيل تاماً غير ناقص، وكانوا يطففون فنهاهم عن ذلك «وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ» من الناقصين للكيل والوزن «وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ» قيل: القَبَّان، عن الحسن. وقيل: الميزان، وقيل: العدل، عن أبي عبيدة. «وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ» لا تنقصوهم أشياءهم «وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ» أي: لا تفسدوا في الأرض [«وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ»] أي: أوجدكم من عدم اختراعاً مقدورًا كما أراد «وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ» الخليقة الأولين الَّذِينَ كانوا قبلكم «قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ» قيل: من المسحورين المخدوعين، أي: سحروك وخدعوك، عن الحسن. وقيل: ذو السُّحْرِ أي الجوف الذي فيه الطعامِ والشراب «وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ» فيما تقول وتدعو إليه «فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ» أي: قطعاً «إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ» «قَالَ» شعيب «رَبّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ» فيجازيكم بعملكم، فهو وعيد، وقيل: هو أعلم بكم إن كان في معلومه إن أبقاكم تبتم أو تاب