قوله تعالى: {كذب أصحاب الأيكة المرسلين 176 إذ قال لهم شعيب ألا تتقون 177 إني لكم رسول أمين 178 فاتقوا الله وأطيعون 179 وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين 180 أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين 181 وزنوا بالقسطاس المستقيم 182 ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين 183 واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين 184 قالوا إنما أنت من المسحرين 185 وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين 186 فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين 187 قال ربي أعلم بما تعملون 188 فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم 189 إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين 190 وإن ربك لهو العزيز الرحيم 191}
  والمُخْسِرَ: المعرض للخسران في رأس المال بالنقصان، أَخْسَرَ يُخْسِرُ إخساراً إذا جعله يخسر في ماله، ونقيضه: أربحه، وخَسِرَ هو يَخْسَرُ خسراناً.
  والقسطاس: العدل في التقويم على المقدار، ونظيره في الزنة: قِرْطاس، والجمع قَرَاطيس، ومن قال إنه رومي فليس بشيء؛ لأن القرآن نزل بلغة العرب، فيحمل على أن العرب عربته أو اتفق اللغتان.
  عاث يَعِيثُ، وعثا يَعْثو إذا سعى في الأرض بالفساد.
  [وَالْجِبِلَّة]: الخليقة، تقول العرب: بكسر الجيم والباء. وبضمهما، وقد يسقطون الهاء تخفيفاً ومنه: {أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا}[يس: ٦٢] قال الشاعر:
  والموتُ أعظمُ حادثٍ ... مما يمرُّ على الجِبِلَّه والكِسَفُ مثقل: جمعه أكساف وهي القطعة، نحو كِسْرَة وكِسَرٍ، ومن قرأ بسكون السين على التوحيد فجمعه: أكساف وكُسُوفٌ، من كسفت الشيء غطيته، ومنه كسوف الشمس، والكسوف في الوجه: صفرة وتغير.
  والقسطاس يقرأ بكسر القاف وضمها، ونظيره: قرطاس.
  · الإعراب: «مُفْسِدِينَ» نصب على الحال أي: لا تعثوا في حال الفساد.
  «وَالْجِبِلَّةَ» نصب، قيل: تقديره: واتقوا الَّذِي خلقكم والجبلة الأولين، وقيل:
  تقديره: وخلق الجبلة.
  «عَذَابَ» نصب لأنه خبر (كان) والاسم مضمر، أي: ذلك عذاب يوم عظيم.
  · المعنى: ثم بيّن تعالى قصة شعيب، فقال سبحانه: «كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ» ذَكّر (كذب)؛ لأنه تقدم الجمع، وأَنَّثَ في أخواتها؛ لأنه أراد الجمع، وقيل: «أَصْحَابُ الأيكَةِ» أهل مدين، عن ابن عباس. وقيل: هم غيرهم، عن قتادة، قال: إن اللَّه تعالى أرسل