التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين 221 تنزل على كل أفاك أثيم 222 يلقون السمع وأكثرهم كاذبون 223 والشعراء يتبعهم الغاوون 224 ألم تر أنهم في كل واد يهيمون 225 وأنهم يقولون ما لا يفعلون 226 إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون 227}

صفحة 5397 - الجزء 7

  · اللغة: الأفاك: الكذاب، وأصل الباب: القلب، ومنه: {وَالْمُؤْتَفِكَاتُ}⁣[الحآقة: ٩] والأفاك: كثير القلب للخبر عن جهة الصدق إلى جهة الكذب.

  والأثيم: فاعل القبيح، أَثِمَ يَأْثَمُ إثماً إذا ارتكب قبيحاً، وتَأَثَّمَ: ترك القبيح.

  والهائم: الذاهب على وجهه، عن الكسائي. وقيل: الهائم: المخالف للقصد، عن أبي عبيدة. هام على وجهه إذا ذهب لا على طريق مستقيم.

  والانقلاب: الانصراف، يقال: انقلب ينقلب انقلاباً ومتقلباً، نحو انطلق ينطلق انطلاقاً.

  · الإعراب: «أَيَّ مُنقَلَبٍ» نصب على المصدر، أي: سيعلم أنه ينقلب منقلباً غير محمود.

  · النزول: قيل: تهاجر رجلان أحدهما من الأنصار والآخر من غيرهم من العرب، ومع كل واحد منهما غواة من قومه وهم السفهاء، فنزلت الآية، عن ابن عباس.

  · المعنى: لما تقدم ذكر القرآن وأنه نزله وليس بسحر وشعر وكهانة، أكد ذلك ببيان من تنزل عليه الشيطان، وبصفة الشعراء ليعلم أنه مخالف للكل، فقال سبحانه: «هَلْ أُنَبِّئُكُمْ» أخبركم «عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ». ثم بين تعالى: «تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ» فاعل للإثم، قيل هم الكهنة، قيل: طليحة ومسيلمة، عن مقاتل. يوسوس إليهم الشيطان بالباطل فيضلون «يُلْقُونَ السَّمْعَ» أي: يستمعون من الملائكة مسترقين فيلقون إلى الكهنة، عن الحسن، ومجاهد. وقيل: يصغون إلى ما يلقيه الشيطان من الكفر والضلالة، عن أبي علي.